Skip to main content

الازدواجية العراقية في حضرة البيت الأبيض: بوش محتل وترامب حليف؟

مقالات الأربعاء 14 أيار 2025 الساعة 16:37 مساءً (عدد المشاهدات 111)

سكاي برس (خاص)

في مشهد يعكس بوضوح حجم التناقض الصارخ الذي يعاني منه الخطاب السياسي والإعلامي العراقي، وجدنا ذات الأصوات التي كانت تمطر الراحل السيد عبد العزيز الحكيم بوابل من التهم والشتائم عندما زار البيت الأبيض والتقى الرئيس الأميركي جورج بوش، وقد باتت اليوم تمارس الطبل والزمر احتفالًا بلقاء أحمد الشرع بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وكأن ذاكرة الوطن لا تتعدى حدود اللحظة الراهنة.

السيد الحكيم، رحمه الله، لم يُستدعَ على الهامش، ولم يمر مر الكرام في أحد ممرات مؤتمرات العلاقات العامة، بل جرى استقباله كما يُستقبل القادة الحقيقيون، بحفاوة تعكس حجم حضوره السياسي ووزنه القيادي، في وقت كان العراق فيه يمر بأكثر لحظاته تعقيدًا. ومع ذلك، لم تشفع له لا رمزيته، ولا خطورته في خارطة القرار الشيعي، ولا مشروعه في بناء الدولة؛ إذ صُوِّر حينها وكأنه ارتكب “خيانة وطنية” لمجرد أنه جلس مع مَن يُوصف بـ”المحتل”.

اليوم، تتبدل المعايير. أحمد الشرع، المعروف بماضيه المتطرف، يظهر إلى جانب ترامب، في مشهد هزلي أكثر مما هو سياسي، ويُقدَّم فجأة كصوت ديمقراطي حر وحليف للغرب، وتُصبغ صورته بلون الاعتدال والانفتاح. أما الفارق بين الحدثين؟ فهو المزاج الطائفي، والمصلحة المؤقتة، وازدواجية النظرة للموقف الأميركي: فهو حينًا محتل بالدبابة يجب لعنه، وحينًا آخر “فرصة تاريخية” يجب السعي للتقارب معه.

في العراق، ما يزال الخطاب السياسي يعيش في حالة إنكار تام للمبادئ، يُصفّق اليوم لما كان يشتمه بالأمس، ويُخوِّن غدًا مَن رفعه اليوم على أكتافه. مشكلتنا لم تكن يومًا في الأميركان فقط، بل في من يتقلب في توصيفهم حسب المزاج والانتماء لا المصلحة الوطنية.

هذا هو العراق حين لا تكون له بوصلته الوطنية: يحتفل بمنصافحة ويخون من فاوض، يصفق للظل ويطعن في الأصل.

حمل تطبيق skypressiq على جوالك
الأكثر قراءة